فصل: (سورة الرعد: آية 1)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الزمخشري:

سورة الرعد مدنية، وقيل: مختلف فيها وهي ثلاث وأربعون آية نزلت بعد سورة محمد.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

.[سورة الرعد: آية 1]

{المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (1)}
{تِلْكَ} إشارة إلى آيات السورة. والمراد بالكتاب السورة، أى: تلك الآيات آيات السورة الكاملة العجيبة في بابها، ثم قال: {وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ} من القرآن كله هو {الْحَقُّ} الذي لا مزيد عليه، لا هذه السورة وحدها، وفي أسلوب هذا الكلام قول الأنمارية: هم كالحلقة المفرعة، لا يدرى أين طرفاها؟ تريد الكملة.

.[سورة الرعد: الآيات 2- 3]

{اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3)}
{اللَّهُ} مبتدأ. والَّذِي خبره، بدليل قوله: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ} ويجوز أن يكون صفة. وقوله: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ} خبر بعد خبر. وينصره ما تقدّمه من ذكر الآيات رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها كلام مستأنف استشهاد برؤيتهم لها كذلك. وقيل هي صفة لعمد. ويعضده قراءة أبيّ. ترونه. وقرئ: {عمد}، بضمتين {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ} يدبر أمر ملكوته وربوبيته {يُفَصِّلُ} آياته في كتبه المنزلة {لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ} بالجزاء وبأن هذا المدبر والمفصل لابد لكم من الرجوع إليه. وقرأ الحسن: {ندبر}، بالنون {جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} خلق فيها من جميع أنواع الثمرات زوجين زوجين حين مدّها، ثم تكاثرت بعد ذلك وتنوعت. وقيل:
أراد بالزوجين: الأسود والأبيض، والحلو والحامض، والصغير والكبير، وما أشبه ذلك من الأصناف المختلفة {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ} يلبسه مكانه، فيصير أسود مظلمًا بعد ما كان أبيض منيرًا. وقرئ: {يغشى}، بالتشديد.

.[سورة الرعد: آية 4]

{وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)}
{قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ} بقاع مختلفة، مع كونها متجاورة متلاصقة: طيبة إلى سبخة، وكريمة إلى زهيدة، وصلبة إلى رخوة، وصالحة للزرع لا للشجر إلى أخرى على عكسها، مع انتظامها جميعًا في جنس الأرضية. وذلك دليل على قادر مريد، موقع لأفعاله على وجه دون وجه.
وكذلك الزروع والكروم والنخيل النابتة في هذه القطع، مختلفة الأجناس والأنواع، وهي تسقى بماء واحد، وتراها متغايرة الثمر في الأشكال والألوان والطعوم والروائح، متفاضلة فيها.
وفي بعض المصاحف: {قطعًا متجاورات} على: وجعل. وقرئ: {وجنات}، بالنصب للعطف على زوجين. أو بالجرّ على كل الثمرات. وقرئ: {وزرع ونخيل}، بالجرّ عطفًا على {أعناب} أو {جنات} والصنوان: جمع صنو، وهي النخلة لها رأسان، وأصلهما واحد. وقرئ بالضم. والكسر: لغة أهل الحجاز، والضم: لغة بنى تميم وقيس يُسْقى بالتاء والياء وَ{نُفَضِّلُ} بالنون. وبالياء على البناء للفاعل والمفعول جميعًا {فِي الْأُكُلِ} بضم الكاف وسكونها.

.[سورة الرعد: آية 5]

{وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُرابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (5)}
{وَإِنْ تَعْجَبْ} يا محمد من قولهم في إنكار البعث، فقولهم عجيب حقيق بأن يتعجب منه، لأن من قدر على إنشاء ما عدد عليك من الفطر العظيمة ولم يعي بخلقهنّ، كانت الإعادة أهون شيء عليه وأيسره، فكان إنكارهم أعجوبة من الأعاجيب {أَإِذا كُنَّا} إلى آخر قولهم: يجوز أن يكون في محل الرفع بدلا من قولهم، وأن يكون منصوبًا بالقول. وإذا نصب بما دل عليه قوله: {أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}. {أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ} أولئك الكاملون المتمادون في كفرهم {وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ} وصف بالإصرار، كقوله: {إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا}. ونحوه:
لَهُمْ عَنِ الرُّشْدِ أَغْلَالٌ وَأَقْيَادُ

أو هو من جملة الوعيد.

.[سورة الرعد: آية 6]

{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ (6)}
{بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ} بالنقمة قبل العافية، والإحسان إليهم بالإمهال. وذلك أنهم سألوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يأتيهم بالعذاب استهزاء منهم بإنذاره {وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ} أى عقوبات أمثالهم من المكذبين، فما لهم لم يعتبروا بها فلا يستهزءوا. والمثلة: العقوبة، بوزن السمرة. والمثلة لما بين العقاب والمعاقب عليه من المماثلة، {وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها} ويقال: أمثلت الرجل من صاحبه وأقصصته منه. والمثال: القصاص. وقرئ {الْمَثُلاتُ} بضمتين لإتباع الفاء العين. و{المثلات}، بفتح الميم وسكون الثاء، كما يقال: السمرة. و{المثلات} بضم الميم وسكون الثاء، تخفيف المثلات بضمتين. والمثلات جمع مثلة كركبة وركبات {لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ} أى مع ظلمهم أنفسهم بالذنوب. ومحله الحال، بمعنى ظالمين لأنفسهم وفيه أوجه. أن يريد السيئات المكفرة لمجتنب الكبائر. أو الكبائر بشرط التوبة. أو يريد بالمغفرة الستر والإمهال. وروى أنها لما نزلت قال النبي عليه الصلاة والسلام «لولا عفو اللّه وتجاوزه ما هنأ أحد العيش، ولولا وعيده وعقابه لا تكل كل أحد».

.[سورة الرعد: آية 7]

{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (7)}
{لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ} لم يعتدوا بالآيات المنزلة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عنادًا، فاقترحوا نحو آيات موسى وعيسى، من انقلاب العصاحية، وإحياء الموتى، فقيل لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: {إنما أنت} رجل أرسالات منذرًا ومخوّفًا لهم من سوء العاقبة، وناصحًا كغيرك من الرسل، وما عليك إلا الإتيان بما يصح به أنك رسول منذر، وصحة ذلك حاصلة بأية آية كانت، والآيات كلها سواء في حصول صحة الدعوة بها لا تفاوت بينها، والذي عنده كل شيء بمقدار يعطى كل نبى آية على حسب ما اقتضاه علمه بالمصالح وتقديره لها {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ} من الأنبياء يهديهم إلى الدين، ويدعوهم إلى اللّه بوجه من الهداية، وبآية خص بها، ولم يجعل الأنبياء شرعًا واحدًا في آيات مخصوصة. ووجه آخر: وهو أن يكون المعنى أنهم يجحدون كون ما أنزل عليك آيات ويعاندون، فلا يهمنك ذلك، {إنما أنت منذر}، فما عليك إلا أن تنذر لا أن تثبت الإيمان في صدورهم، ولست بقادر عليه، {ولكل قوم هاد} قادر على هدايتهم بالإلجاء، وهو اللّه تعالى. ولقد دل بما أردفه من ذكر آيات علمه وتقديره الأشياء على قضاء حكمته أن إعطاءه كل منذر آيات خلاف آيات غيره: أمر مدبر بالعلم النافذ مقدّر بالحكمة الربانية، ولو علم في إجابتهم إلى مقترحهم خيرًا ومصلحة، لأجابهم إليه. وأما على الوجه الثاني، فقد دل به على أن من هذه قدرته وهذا علمه، هو القادر وحده على هدايتهم، العالم بأى طريق يهديهم، ولا سبيل إلى ذلك لغيره.

.[سورة الرعد: الآيات 8- 9]

{اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ (8) عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ (9)}
{اللَّهُ يَعْلَمُ} يحتمل أن يكون كلامًا مستأنفًا، وأن يكون المعنى: هو اللّه، تفسيرًا لهاد على الوجه الأخير، ثم ابتدئ فقيل {يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى} {وما} في {ما تَحْمِلُ}، {وَما تَغِيضُ}، {وَما تَزْدادُ}. إما موصولة، وإما مصدرية. فإن كانت موصولة، فالمعنى: أنه يعلم ما تحمله من الولد على أن حال هو. من ذكورة وأنوثة، وتمام وخداج، وحسن وقبح، وطول وقصر، وغير ذلك من الأحوال الحاضرة والمترقبة، ويعلم ما تغيضه الأرحام: أى تنقصه. يقال: غاض الماء وغضته أنا. ومنه قوله تعالى: {وَغِيضَ الْماءُ} {وما تزداد}: أى تأخذه زائدًا، تقول: أخذت منه حقي، وازددت منه كذا. ومنه قوله تعالى: {وَازْدَادُوا تِسْعًا} ويقال: زدته فزاد بنفسه وازداد، ومما تنقصه الرحم وتزداده عدد الولد، فإنها تشتمل على واحد، وقد تشتمل على اثنين وثلاثة وأربعة. ويروى أن شريكا كان رابع أربعة في بطن أمه. ومنه جسد الولد، فإنه يكون تاما ومخدجا. ومنه مدة ولادته، فإنها تكون أقل من تسعة أشهر وأزيد عليها إلى سنتين عند أبى حنيفة، وإلى أربع عند الشافعي، وإلى خمس عند مالك. وقيل: إنّ الضحاك ولد لسنتين، وهرم بن حيان بقي في بطن أمّه أربع سنين، ولذلك سمى هرما. ومنه الدم، فإنه يقل ويكثر. وإن كانت مصدرية، فالمعنى أنه يعلم حمل كل أنثى، ويعلم غيض الأرحام وازديادها، لا يخفى عليه شيء من ذلك، ومن أوقاته وأحواله. ويجوز أن يراد غيوض ما في الأرحام وزيادته، فأسند الفعل إلى الأرحام وهو لما فيها، على أنّ الفعلين غير متعدّيين، ويعضده قول الحسن: الغيضوضة أن تضع لثمانية أشهر أو أقل من ذلك، والازدياد أن تزيد على تسعة أشهر. وعنه. الغيض الذي يكون سقطًا لغير تمام، والازدياد ما ولد لتمام بِمِقْدارٍ بقدر وحدّ لا يجاوزه ولا ينقص عنه، كقوله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ}. {الْكَبِيرُ} العظيم الشأن الذي كل شيء دونه {الْمُتَعالِ} المستعلى على كل شيء بقدرته، أو الذي كبر عن صفات المخلوقين وتعالى عنها.

.[سورة الرعد: الآيات 10- 11]

{سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ (10) لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ (11)}
{سارِبٌ} ذاهب في سربه- بالفتح- أى في طريقه ووجهه. يقال: سرب في الأرض سروبا. والمعنى: سواء عنده من استخفى: أى طلب الخفاء في مختبإ بالليل في ظلمته، ومن يضطرب في الطرقات ظاهرًا بالنهار يبصره كل أحد. فإن قلت: كان حق العبارة أن يقال: ومن هو مستخف بالليل ومن هو سارب بالنهار، حتى يتناول معنى الاستواء المستخفى والسارب، وإلا فقد تناول واحدًا هو مستخف وسارب. قلت: فيه وجهان: أحدهما أنّ قوله: {وَسارِبٌ} عطف على {من هو مستخف}، لا على {مستخف}، والثاني أنه عطف على {مستخف}، إلا أن {مَنْ} في معنى الاثنين، كقوله:
نَكُنْ مِثْلَ مَنْ يَاذِئْبُ يصْطَحِبَانِ

كأنه قيل: سواء منكم اثنان: مستخف بالليل، وسارب بالنهار. والضمير في لَهُ مردود على مِنْ كأنه قيل: لمن أسرّ ومن جهر، ومن استخفى ومن سرب {مُعَقِّباتٌ} جماعات من الملائكة تعتقب في حفظه وكلاءته، والأصل: معتقبات، فأدغمت التاء في القاف، كقوله: {وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ} بمعنى المعتذرون. ويجوز معقبات، بكسر العين ولم يقرأ به. أو هو مفعلات من عقبه إذا جاء على عقبه، كما يقال: قفاء، لأنّ بعضهم يعقب بعضًا. أو لأنهم يعقبون ما يتكلم به فيكتبونه {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} هما صفتان جميعًا، وليس مِنْ أَمْرِ اللَّهِ بصلة للحفظ، كأنه قيل: له معقبات من أمر اللّه. أو يحفظونه من أجل أمر اللّه، أى: من أجل أنّ اللّه أمرهم بحفظه. والدليل عليه قراءة على رضى اللّه عنه وابن عباس وزيد بن على وجعفر بن محمد وعكرمة: {يحفظونه بأمر اللّه}. أو يحفظونه من بأس اللّه ونقمته إذا أذنب، بدعائهم له ومسألتهم ربهم أن يمهله رجاء أن يتوب وينيب، كقوله: {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ} وقيل: المعقبات الحرس والجلاوزة حول السلطان، يحفظونه في توهمه وتقديره من أمر اللّه أى من قضاياه ونوازله، أو على التهكم به، وقرئ {له معاقيب} جمع معقب أو معقبة.
والياء عوض من حذف إحدى القافين في التكسير {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ} من العافية والنعمة {حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ} من الحال الجميلة بكثرة المعاصي {مِنْ والٍ} ممن يلي أمرهم ويدفعه عنهم.

.[سورة الرعد: الآيات 12- 13]

{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ (12) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ (13)}